كتبه/ د.مصطفى حلمي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن الكذب المفضوح وصف علاقتنا بالغرب بأنه صراع حضارات، إنه ليس صراع حضارات، بل صراع بيْن قوى الاستعمار العالمية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والكيان الصهيوني، وشعوب الشرق الأوسط المغلوبة على أمرها، حيث تسلطت عليها قوى الغرب؛ لإذلال شعوبها، ونهب ثرواتها وبخاصة البترول؛ لأنه عصب الحياة الصناعية.
إن لفظ "الصراع" يتطلب توازن أو تقارب القوتين المتصارعتين؛ بينما الواقع الراهن يخالف هذا التصور، فإن الغرب يملك مِن الجيوش برًا وبحرًا وجوًا "حلف الأطلنطي ـ والولايات المتحدة" ما يجعله صاحب اليد الطولى، وبين يديه الأسلحة الذرية التي تمكنه مِن تدمير الكرة الأرضية.
ويتغافل "هنتجتون" -صاحب نظرية "صراع الحضارات"- عن أن الاستعمار ما زال جاثمًا على صدور الشعوب المقهورة بأسلوب آخر وهو النظام العالمي الجديد.
وفي هذا الصدد يقول الباحث الفرنسي سيرج لاتوش: "إن أروع ما حققه الاستعمار هو مهزلة تصفية الاستعمار، لقد انتقل البيض إلى الكواليس، لكنهم لا يزالون مخرجي العرض المسرحي، فإن الهدف مِن الاستعمار ظل ثابتًا أي: التبشير وغزو الأسواق، والتزود بالمواد الأولية والبحث عن أراضٍ جديدة والحاجة إلى الأيدي العاملة" (سيرج لاتوش "تغريب العالم الإسلامي" تعريب خليل كلفت ط. دار العالم الثالث الثقافية بالقاهرة 1992م).
يقول نعوم تشومسكي: "فالنظام العالمي الجديد الذي تحدث عنه جورج بوش، والذي لم يكن مفهومًا بدرجة كافية في بدايته، لم يترك أي غموض في أعقاب حرب الخليج، أو بالأحرى في أعقاب مذبحة الخليج، فكلمة حرب لا تنطبق على مواجهة يقوم فيها طرف بذبح الطرف الآخر، وهو في مكان آمن ذابحًا السكان العزل..
وعلقت صحفية التايمز الهندية على هذه الحرب بقولها: "إن السلوك الغربي كشف عن أسوأ جوانب الحضارة الغربية ألا وهي شهوتها الجامحة للسيطرة، وافتتانها المرضي بامتلاك الأسلحة عالية التقنية، وعدم احترامها لثقافات الغير، واستنكرتها دورة شهرية ماليزية فوصفتها بأنها أكثر الحروب التي شهدها كوكبنا خسّة!"
ووصفتها إحدى الصحف البرازيلية الواسعة الانتشار بأنها "بربرية محضة، ومِن السخرية أن يتم تنفيذها باسم الحضارة" (نعوم تشومسكي "النظام العالمي القديم والجديد" ص (16-17) مكتبة الأسرة بمصر ـ 2010م).
ودول العالم الثالث -ونحن منها- معرضة لافتعال أسباب؛ لتبرير حرب جديدة بنفس الخسّة دون مبالاة لأي اعتبارات إنسانية بالرغم مِن (حقوق الإنسان) التي يتشدق بها ساسة الغرب نفاقًا وخداعًا .
ولا نجاة لبلادنا مِن مصير العراق البائس إلا بالوحدة السياسية والتكامل بيْن الجيوش والاستعداد اليقظ لدفع أي اعتداء، بل إن الإعداد بالتنسيق بين جيوشنا وما أكثرها ووضعها تحت قيادة واحدة، هذا الإعداد وإظهار القوة كفيل في حد ذاته بإرهاب الغرب وامتناعه مِن تكرار تجربة حرب العراق.
www.anasalafy.comموقع أنا السلفي