«الشيخةأم السعد» أشهر امرأة كفيفة من الإسكندرية علمت الرجال قراءة القرآن
الشيخة «أم السعد محمد علي نجم»، هي أشهر مٌعلمة ومحفظة للقرآن الكريم بالإسكندرية عبر ما يقرب من 60 عامًا، وٌلدت في 11 يوليو عام 1925 في قرية البندارية مركز تلا بمٌحافظة المنوفية، أصيبت بمرض في عينيها في عامها الأول أدى لفقدانها البصر بشكل كلي عقب العلاج الشعبي بالكحل والزيوت على يد أهلها، ليقوموا بنذرها لخدمة القرآن الكريم حتى حفظته ببلوغها الخامسة عشر في مدرسة حسن صبح بالإسكندرية .
«أم السعد»، تمكنت من إثبات قدرتها على النجاح في مجال غلب عليه أنه حصري فقط للرجال، لتظل خلال حياتها رافدًا من روافد منح إجازات حفظ وختم القرآن للمئات من الرجال والنساء، وذلك عقب حصولها وهي بنت 23 عامًا على إجازة القرآن من شيختها "نفسية بنت أبو العلا"، التي طلبت منها تعلم القراءات العشر، ليٌصبح بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم برواية حفص عن عاصم 27 راوياً في سلسلة تبدأ بمعلمتها نفيسة وصولاً للروح الأمين جبريل الذي تلقى الرسول الكريم القرآن عنه.
كان من المٌقربين للشيخة الدكتور محمد إسماعيل المقدم- عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية، والذي نعاها في مٌحاضرة له بعنوان "وداعاً أم السعد" كما يحتفظ هو بالكثير عن حياة الشيخة وطرائفها، حيث تميزت بخفة الظل، وكذا الشيخ أسامة الأباصيري- رئيس لجنة شؤون القرآن بحسب الموقع الرسمي للجنة، والذي يٌعد تلميذاً لها، بالإضافة للشيخ محمد فريد نعمان- زوجها وصاحب أول إجازة تمنحها أم السعد، والذي تتلمذ على يديه إسماعيل المقدم، وتزوجها نعمان عقب حصول على الإجازة واستمر الزواج 40 عامًا، لم تٌنجب خلالها، لتتفرغ لمسيرة عطاء مع القرآن الكريم، كان كل تلاميذها بمثابة أولاد لها.
من جانبها، حصلت «بوابة الشروق» على وثيقة أصلية صادرة عن دار الأباصيري لتحفيظ القرآن الكريم تحوي كلمة من 8 صفحات كتبها الشيخ أسامة الأباصيري تلميذ أم السعد يوم 11 أغسطس 2008 نعى فيها شيخته بعنوان "كلمة من القلب"، التي يقول عنها هي "أمي وشيختي الفاضلة".
يقول الشيخ الأباصيري، «لقد عشت أيام بحق هي أسعد أيام حياتي في منزل الشيخ محمد فريد نعمان زوج الشيخة أم السعد، وتعلمت في هذا البيت المٌبارك كل أساسيات التجويد وفنونه مالم أجد عند غيره، وتميزت أمي بسهولة الشرح».
ووصف الأباصيري، «أم السعد» بصفات لقمان الحكيم التي غمرت قلبها لتفوق أهل عصرها بقوله «فتح الله لها قلوب الناس رجالاً ونساءاً صغاراً وكباراً، ونلت من أخلاقها الكثير فقد كانت كريمة الأخلاق، وكرست حياتها للعلم، لم تخرج من بيتها إلا لضرورة ولصلة الأرحام، كريمة ببذخ لم تدخل بيتًا إلا وأدخلت فيه بهجة وسرور»، ويٌضيف «كنت أقوم بمساعدتها في تنظيف البيت».
عاشت الشيخة «أم السعد» ببيتها بحارة الشمرلي بمنطقة بحري غرب الإسكندرية، ثم انتقلت في أيامها الأخيرة لشقة أٌخرى اشترتها بالسكة الجديدة بمنطقة المنشية وهي الشقة التي تسكن فيها حتى الآن شقيقتها أم السيد، ويقول الشيخ الأباصيري «يوم وفاتها اتصل بي أهلها لأجد أمي الشيخة في مستشفى الأنفوشي وقد لفظت أنفاسها الأخيرة، ثم نقلتها عبر سيارتي التي تشرفت بنقل الشيخة التي طابت حية وطابت ميتة»، مضيفاً «لقد ازدادت حسناً بعد الوفاة».
وواصل، «في صباح اليوم التالي قام بغٌسلها تلميذات الشيخة من هنا وهناك، وصلي عليها ظهر اليوم صلاة الجنازة بمسجد ابن خلدون الشيخ محمد إسماعيل المقدم، وعند دفنها قال أحد الشيوخ (هنيئاً لك أيها القبر اليوم)، مٌهنئاً القبر بنزول الشيخة إليه».
وفي سياق مٌتصل، كشف الشيخ أسامة الأباصيري لـ«بوابة الشروق» عن وصية الشيخة أم السعد التي لم تتضمنها كلمته، بقوله «ورثت بعد وفاتها كل متعلقاتها من أختام إجازة القرآن الكريم، طبقاً لوصيتها لي قبل وفاتها حيث قالت لي (أنت حتأخذ الحاجات ديه كلها)»، لافتاً إلى أن الشيخة فرقت ما حصلت عليه من أموال وهبات في أسفارها للسعودية ودول الخليج على أقاربها.
وواصل الأباصيري، «الشيخة لم تحصل على قسط من التعليم منذ مولدها، لكنها علمت المٌتعلمين قراءة القرآن، حتى قررت الدعوة السلفية إطلاق مٌسابقة باسمها لدعم حفظة القرآن، يضع أسئلتها مسؤول اللجنة العلمية بلجنة شؤون القرآن الشيخ حسن سعيد السكندري».
جدير بالذكر، أنه يشرف على المسابقة، لجنة شؤون القرآن وهي لجنة حديثة دٌشنت بعد الثورة فيما المٌسابقة سابقة عليها بنحو 5 سنين، حيث لم تتمكن الدعوة من تدشين اللجنة إلا بعد الثورة، بعد ما عانت منه من قمع أمني قبلها، بإشراف الشيخ سعيد عبد العظيم- مٌشرف اللجان النوعية بالدعوة "النائب الثاني لرئيس الدعوة السلفية"، ويشرف على النساء باللجنة الدكتورة عفاف خطاب- حرم د. سعيد عبد العظيم ، وتحصل اللجنة على دعم واسع من كافة أعضاء مجلس الإدارة وكذا حزب النور، طبقاً لمصادر سلفية موثوقة باللجنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ