الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
فقد دعانى بعض الإخوة الأفاضل من حزب النور ببلقاس لإلقاء كلمة بمؤتمر الحزب الحاشد بمدينة بلقاس ، وعلمت أن الشيخ ياسر برهامى سيكون حاضراً فى هذا اللقاء فسررت بذلك أيما سرور ، وصلت إلى المؤتمر متأخراً لازدحام الطريق ، وحين جلست فى مقعدى كان الشيخ قد بدأ فى كلمته ، فلما إنتهى الشيخ من الكلمة اصطحبه بعض الأفاضل إلى طعام الغداء ، فتركت المنصة وأسرعت خلف الشيخ ، مع العلم أن الشيخ لا يعرف شكلى ، وكل ما جرى بينى وبينه فى السابق مكالمة هاتفية منه ، شكرنى فيها على مقال الرد الدامى ، دخلنا إلى بيت صاحب دعوة الطعام ، فلما جلس الشيخ إقتربت منه وقلت له : خالد الشافعى ، فتبسم إبتسامة مجاملة ، فقلت له : الرد الدامى ، فإنى أقسم بالله أن الشيخ صرخ : أنت ؟ ، أنت خالد الشافعى ؟ فقلت له نعم ، فوالله لقد انتفض الشيخ واقفاً ، وهو يردد ، أين أنت ؟ انا أبحث عنك ، جزاك الله خيراً ، جزاك الله خيراً على النشيد ، لعله يكفيك ، ثم أراد أن يقبل رأسى فكاد أن يغمى على ( والله هكذا) ثم اعتنقنى عناقاً حاراً ، ما عانقنيه أحد قبله ولاحتى أبى حفظه الله ، كان عناقاً عجيباً باغتنى ، ضمنى الشيخ إلى صدره ، كأنه يعلم ما أشعر به من تجاهل وما يعترينى من وساوس وشطحات ، وكأنه يعتذر عنه رغم أنه لم يكن منه ، كان عناقاً مؤثراً ولحظات مؤثرة ، وضعت رأسى على كتف الشيخ وبكيت بكاءاً لم أبك مثله فى حياتى ، بكيت تأثراً برحمة الشيخ وأخلاقه ، وبكيت ندماً على سوء ظنى ، وسوء أدبى ، وبكيت على تقصيرى فى حق نفسى ، وحق هؤلاء ، بكيت خجلاً من ( سلفية التحرير ) ومن كثير من البوستات المتهافتة ، وعلمت أن البعد جفا ، وفهمت لما رفع الله ذكر هؤلاء ، الرجل يرتدى قميصاً بسيطاً وغطاء رأس عادى ، وشبشب متواضع ، وينتفض مرحباً برجل نكرة لمجرد أنه كتب عنه مقالاً منذ عام ، بكيت على كتف الشيخ على من يسودون شاشات الفيس بوك بنقد هؤلاء المجاهدين ، ولم يكن بكاءى بالطبع على مبدأ المخالفة ، إنما على الأسلوب وعلى التطاول وعلى سوء الأدب مع من لهم سابقة ، مع من كانوا يعذبون فى المعتقلات لسنوان بينما كان هؤلاء الطلبة لم يبلغوا الحلم بعد ، والأسوأ أن هؤلاء العلماء هم من فتح الله بهم قلوب هذا الشباب الذى أحسبه طلب الحق لكنه أساء الأدب ، ليس عيباً أن نختلف مع هؤلاء الكبار لكن العيب أن نسىء التعبير عن الإختلاف ، أو ألا نحفظ المقامات ، أو نسفه إختياراتهم ونطعن فى قدراتهم ، وأقبح من كل ذلك أن يكون المسوغ الوحيد لنا فى كل هذا أننا نمتلك حاسوباً متصلاً بالشبكة العنكبوتية ، وربما قرأ بعضنا بعض الكتب .
أخذنى الشيخ من يدى إلى مائدة الطعام وبثثت إليه ما أجد ، وعرضت عليه بعض الأفكار والرجل يحتفى بى وينصت بكل جوارحه ويأكل أكل البسطاء ، ويتحدث بعفوية عجيبة ، بينما هو واحد من أهم الشخصيات فى العالم الآن .
وبالمناسبة طلب منى الشيخ تعديلاً فى نشيد ( يا مصر صباحك نور ) تدرون ما هو ؟ قال لى : نريد أن نغير كلمة : والله لوجه الله !! لماذا ؟ لأن فيها تزكية للنفس ؟ والله حرى بهذا أن ينصر ، حتى لو لم يكن يعرف ذرة فى السياسة ، يكفيه أنه يعرف ربه ، وربه يعرفه . وبالمناسبة أيضاً ، ورداً على الإخوة الذين يدعون عن إقصاء الشيخ المقدم ، أقول أن الشيخ لما عرضت عليه بعض الأفكار حول المقالات والملف الإعلامى ، قال لى أن هذا الملف مع الشيخ المقدم وأنه سيكلمه لذلك ويحيلنى عليه .
قام الشيخ لينصرف لأن عنده مؤتمراً فى زفتى ثم يعود بعدها لمؤتمر فى المنصورة ثم يعود بعدها إلى الإسكندرية ، وهكذا يمضى قطار الأسكندرية العظيم ، لا يوقفه شىء ، ولا يرده شىء عن غايته ، ينشر النور والخير حيث حل .
ودعت الشيخ على وعد بلقاء ، ووجدتنى أقول : أنا آسف يا شيخ ياسر ، أنا آسف لكل من دعا إلى الله حين كانت الغربة مميتة ، وكانت الصحراء قاحلة ، وكنت أنا ألعب الكرة ، وغاية أحلامى أن أشاهد نادى السينما ، ومباراة القمة .
كتبت هذا المقال لأتطهر به من سنة من التخبط ، والإرتباك ، والبحث عن الطريق فإذا بى أكتشف أننى كنت عليه ، كتبت هذا المقال وأنا أعيش نفس المشاعر النبيلة التى كنت أكتب فيها : قطار الأسكندرية العظيم ، والرد الدامى ، وشيخ الحوينى شكراً
خالد الشافعى